ما معنى مدونة الأحوال الشخصية؟
بعد أن أخذ المغرب استقلاله سنة 1956 قام جلالة الملك محمد الخامس بإعادة تنظيم هذه القوانين ومطابقتها مع الشريعة الإسلامية واعتماد نصوص تشريعية لتجنب الاختلاف في الأحكام وذلك بتأسيس لجنة ترأسها ولي العهد الحسن الثاني، وأول ما بدأت به هذه اللجنة وهو قانون الأحوال الشخصية (وهو على شكل مدونة الأسرة في وقتنا الحالي) الذي يتضمن 5 أجزاء أو 5 قوانين وهي:
- قانون الزواج وانحلاله.
- قانون الولاده وانتاجاتها.
- قانون النيابة والأهلية الشرعية.
- قانون الوصية.
- قانون الميراث.
شهد قانون الاحوال الشخصية لسنة 1956 مجموعة من الانتقادات سواء من طرف الحقوقيين أو رجال الدين مما أدى الى تعديله سنة 1993.
ما هو مفهوم مدونة الأسرة سنة 2004:
لم تكن التعديلات التي جاء بها قانون الأحوال الشخصية لسنة 1993 تشفي غليل الحقوقيين الذين يرون أن المرأة مازالت تعاني تحت هذه القوانين، وكذلك رجال الدين الذين يوصون بتتبع واعتماد الشريعة الإسلامية لكون المغاربة مسلمين، وداخل هذا الشد والجذب كان من الضروري تدخل سلطة عليا ومحاولة ارضاء جميع الأطراف مما أدى إلى تدخل الملك محمد السادس وإعطاء أوامره ب إنشاء مدونة الأسرة 2004 التي تراعي حقوق المرأة وعدم الخروج عن معالم الدين الاسلامي.
الفرق بين مدونة الأسرة ومدونة الأحوال الشخصية:
أسفرت عملية الانتقال من قانون الأحوال الشخصية سنة 1993 إلى مدونة الأسرة سنة 2004 الى تغيير مجموعة من الجوانب أهمها:
الفرق في تعريف الزواج:
كان تعريف الزواج قبل سنة 2004 هو عبارة عن ميثاق ترابط وتماسك شرعي بين رجل وامرأة على وجه البقاء، غايته الإحصان والعفاف، مع تكثير سواد الأمة، بإنشاء أسرة تحت رعاية الزوج، على أسس مستقرة تكفل للمتعاقدين تحمل أعبائها في طمأنينة وسلام وود احترام.
بينما عرفت مدونة الأسرة الزواج على أنه ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام، غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة، برعاية الزوجين طبقا لأحكام هذه المدونة.
الفرق في الحقوق والواجبات بين الزوجين:
الحقوق والواجبات في قانون الأحوال الشخصية 1993:
- الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين: المساكنة الشرعية، حسن المعاشرة، حق التوارث بين الزوجين وحقوق الأسرة كنسب الأولاد وحرمة المصاهرة.
- حقوق المرأة على الزوج: النفقة الشرعية من طعام وكسوة وتمريض وإسكان، العدل والتسوية إذا كان الرجل متزوجا بأكثر من واحدة، السماح للزوجة بزيارة أهلها واستزارتهم بالمعروف، للمرأة الحرية الكاملة في تصرف مالها دون رقابة الزوج، إذ لا ولاية للزوج على مال زوجته.
- حقوق الرجل على المرأة: صيانة الزوجة نفسها وحصانها، طاعة الزوجة لزوجها بالمعروف، إرضاع لأولادها عند الاستطاعة، الإشراف على البيت وتنظيم شؤونه إكرام والدي الزوج وأقربائه بالمعروف.
الحقوق والواجبات المتبادلة في مدونة الأسرة 2004:
- المساكنة الشرعية بما تستوجبه من معاشرة زوجية، العدل وتسوية عند التعدد و إحصان كل منهما وإخلاصه للآخر بلزوم العفة وصيانة العرض والنسل.
- المعاشرة بالمعروف وتبادل الاحترام والمودة والرحمة والحفاظ على مصلحة الأسرة.
- تحمل الزوجة مع الزوج مسؤولية تسيير ورعاية شؤون البيت والأطفال.
- التشاور في اتخاذ القرارات المتعلقة بتسيير شؤون الأسرة والأطفال وتنظيم النسل.
- حسن معاملة كل منهما لأبوي الآخر ومحارمه واحترامهم وزيارتهم واستزارتهم بالمعروف.
- حق التوارث بينهما.
الفرق في سن الزواج.
في مدونة الأحوال الشخصية كان سن القانوني للزواج يتمثل في 18 سنة بالنسبة للزوج و 15 سنة بالنسبة للزوجة، لكن بعد صدور مدونة الأسرة أقر على أن سن الزواج محدد في 18 سنة سواء بالنسبة للزوج أو الزوجة، مع امكانية اعطاء القاضي الإذن بالزواج في سن أقل من 18 سنة في بعض الحالات.
الفرق في ولي الزوجة.
في قانون أحوال شخصية كان من الضروري قبول ولي الزوجة على الزواج، بعد صدور مدونة الأسرة أصبح من الممكن للمرأة إذا وصلت سن الرشد أن تزوج نفسها دون اعتبار وليها، كما يمكنها أن تختار وليا لها ليزوجها إن أرادت ذلك.
الفرق في إجبار المرأة على الزواج.
جاء في قانون احوال الشخصية مادة تقول: (لا يسوغ للولي ولو أبا أن يجبر ابنته البالغ ولو بكرا على النكاح إلا بإذنها ورضاها إلا إذا خيف على المرأة الفساد و للقاضي الحق في إجبارها حتى تكون في عصمة الزوج كفؤ يقوم عليها.) لكن تم إلغاء هذا القانون في مدونة أسرة لسنة 2004، وأكثر من ذلك أصبح إرغام المرأة على الزواج يعتبر جريمة في القانون الجنائي سنة 2018.
الفرق في تعدد.
كان قانون الأحوال الشخصية 1993 ينص على ضرورة إخبار الزوجة الأولى على نيته في التعدد وكذلك إخبار الزوجة الثانية على أنه متزوج من امرأة أخرى، لكن بعد سنة 2004 نصت مدونة الأسرة في حال أراد الزوج التعدد و إضافة إلى الشروط التي أتت بها قانون الأحوال الشخصية على ضرورة إثبات للقاضي السبب المهم الذي من شأنه يريد التعدد و وأن يكون له مدخولا ماديا يمكنه من التعدد.
الفرق في الطلاق.
كان الطلاق في قانون الأحوال الشخصية في يد الزوج فقط، وبعد صدور مدونة الأسرة سنة 2004 أصبح للمرأة هي أيضا الحق في الطلاق على قدم المساواة شريطة أن يتم الطلاق بإذن من القاضي لكي يتم الطلاق.
الفرق في التطليق.
باعتبار عقد الزواج على أنه مثل أي عقد آخر، وفي حال أثبتت الزوجة إخلال الزوج لأحد الشروط المنصوص عليها في عقد الزواج، لا يقوم القاضي بتطليق المرأة، لكن بعد صدور مدونة الأسرة سنة 2004، أصبح القاضي يأذن بالطلاق في حال تم الإخلال بأحد الشروط المنصوص عليها في عقد الزواج.
الفرق في الحضانة.
تكون الحضانة أولا للأم وثانيا للأب, نص قانون الأحوال الشخصية قبل سنة 2004، أن يختار الأبناء حضانة الأم أو الأب وذلك في سن 12 سنة بالنسبة للإبن و 15 سنة بالنسبة للبنت، وبعد صدور مدونة الأسرة سنة 2004 أقرت على أن يكون سواء للإبن او البنت 15 سنة ليختاروا بأنفسهم حضانة الأم أو الأب.
الفرق في الولاية على الأبناء.
في قانون الأحوال الشخصية كانت الولاية على الأبناء ترجع الى الأب في مرتبة الأولى حيث كان وليا على أبنائه إداريا وكذلك ماديا، أما بالنسبة للأم فتكون ولايتها على الأبناء فقط في الجانب الإداري في حالة عدم تواجد الأب أو عدم قدرته، لكن بعد سنة 2004 أصبح للأم ولاية كاملة على الأبناء إداريا و ماديا في حالة عدم تواجد الأب أو عدم قدرته وذلك بإذن من القاضي.
الفرق في الخبرة الجينية في إثبات النسب.
قبل سنة 2004 لم تكن الخبرة الجينية منصوص عليها في القانون وإنما كان يعتبر الولد للفراش أي في علاقة شرعية، بينما نصت مدونة الأسرة على إثبات نسب الإبن بواسطة الخبرة الجينية فقط في العلاقة الشرعية ولا يمكن إثبات نسب الإبن في العلاقة الغير الشرعية بواسطة الخبرة الجينية.
الفرق في تدبير الأموال المكونة في فترة الزواج.
لم يكن قانون الأحوال الشخصية ينص على ضرورة تقسيم الأموال المكونة في فترة الزواج بين الزوج والزوجة حيث كانت الأموال المكتسبة من طرف الزوج تعود له وحده، أصبح ممكنا في مدونة الأسرة 2004 أن يقوم الزوجين في عقد الزواج بإنشاء عقد آخر من أجل تدبير الأموال المشتركة وتحديد نسبة كل طرف في حالة وقوع الطلاق ويكون هذا العقد اختياريا.
الفرق في زواج الجالية المغربية المقيمة بالخارج.
قبل صدور مدونة الأسرة سنة 2004 لم يكن أي قانون يؤطر زواج الجالية المغربية المقيمة بالخارج، لكن بعد سنة 2004 أصبح ممكنا للجالية المغربية المقيمة بالخارج القيام بعقد الزواج في القنصليات ويكون هذا العقد كأنه أبرم في المغرب و خاضع لقوانين المغرب.