الأحزاب السیاسیة.
مقدمة:
إن الأحزاب السياسية أصبحت تعتبر جزءا لا يتجزأ من ظاهرة السياسة في حين أنها لا ترتبط بنظام سياسي أو اجتماعي أو أيديولوجي أو اقتصادي معين وأنها توجد في كل دول العالم سواء الديمقراطية منها او الغير الديمقراطية الغنية والفقيرة، الرأسمالية والاشتراكية، الكبيرة والصغيرة، القوية والضعيفة.
تعريف الحزب السياسي وعناصره:
اختلف الباحثون بشكل كبير في تعريف الحزب السياسي لدرجة أن يكون لكل باحث تعريفه الخاص.
لكن يمكننا القول أن الحزب السياسي هو تجمع منظم من أفراد لديهم نفس الرؤية والفكر ونفس التوجه لإدارة شؤون الدولة والمجتمع ويعملون جاهدين للحصول على السلطة التي تمكنهم من وضع برنامجهم السياسي وإخراجه حيز التطبيق ومن بين أهم العناصر والشروط اللازمة لقيام الحزب هي وجود برنامج سياسي والعمل على الوصول إلى السلطة والتنظيم…عنصر الإطار التنظيمي:
عنصر البرنامج السياسي:
عنصر هدف الوصول إلى السلطة:
إن الوصول الى السلطة يعد بالنسبة للحزب كلا الأمرين هدفا و وسيلة. و هدف الوصول إلى السلطة هو ما يميز الحزب السياسي عن باقي التنظيمات الاجتماعية الأخرى لذا فإنه عنصر رئيسي. والوصول إلى السلطة بالنسبة للحزب يعتبر أيضا وسيلة لطرح أفكاره وتطبيقها وإخراجها إلى أرض الواقع. لذا فلا يجب على الحزب أن يقصد الوصول إلى السلطة لذاتها وإنما لتطبيق تصوره الفكري وبرنامجه السياسي.
نشأة الأحزاب السياسية:
نشأت الأحزاب مع تطور نضال الشعوب ضد الاستبداد والطغيان وارتبطت بالمسألة الديمقراطية لذا فمن الطبيعي أن يكون لكل مجتمع تجربته الحزبية الخاصة التي يمكن أن تتشابه وتختلف في بعض الجوانب مع تجارب الشعوب الأخرى. ان النظريات المؤسسية او البرلمانية هي القادرة على تفسير نشأة الأحزاب في الدول الغربية بينما تعتبر نظريات الموقف التاريخي وأزمات التنمية هي الأقدر على تفسير نشأة الأحزاب السياسية في دول العالم الثالث.
نشأة الأحزاب في الدول الغربية:
أن نشأة الأحزاب السياسية في الدول الغربية تعتبر نتيجة منطقية لتطور الحياة الديمقراطية حيث أصبحت السلطة التشريعية وبما تتطلبه من انتخابات حرة نزيهة لمناقشة مختلف التيارات هو محركها الأساسي. في المرحلة الأولى من نشأة المجالس والهيئات التشريعية المكونة من النخبة حيث ظهرت مجموعات برلمانية كان محور التحزب فيها يدور حول الأصل الاجتماعي الارستقراطية أو الانتماء جغرافي او الإقليم، ومع ظهور الأفكار الاشتراكية الثورية التي انتقدت النظام الرأسمالي و ركزت على عيوبه وبالتالي عيوب الليبرالية السياسية ومساوئها مما أدى إلى ظهور أحزاب سياسية خارج البرلمانات الغربية الهادفة الى ضم الطبقات العمالية المتضررة من نظام الإنتاج والإدارة المرتبطة بالثورة الصناعية التي أدت إلى مشاكل اقتصادية واجتماعية حادة.
إن الأحزاب التي نشأت داخل البرلمان تؤمن بقيم المنافسة الحرة والمفتوحة وقبول الرأي الآخر وتحترم مؤسسة البرلمان احتراما كبيرا. أما الأحزاب التي نشأت خارج البرلمان فتؤمن بالعمل الجماهيري المباشر وتعول عليه لإحداث تغيير أكثر مما تعول على العمل البرلماني ويتصف هذا النوع من الأحزاب بقوة التنظيم وسعيه نحو الانتشار.
نشأة الأحزاب في دول العالم الثالث:
عاشت غالبية دول العالم الثالث مرحلة طويلة من الاستعمار في نفس الفترة التي كانت فيها الديمقراطية في الدول الغربية في أوج الازدهار والتطور, ولقد ارتبطت نشأة الأحزاب السياسية بحركات التحرر التي تحولت من حركات هدفها تحرير الوطني الى احزاب سياسية.
وكذلك ساهمت مجموعة من الأزمات التي واكبت عملية التحرر قبل الاستقلال وعملية التنمية في مرحلة بعد الاستقلال, وتتمثل هذه الأزمات فيما يلي:
- أزمات الشيوعية: وهي الازمة الناتجة عن التشكيك في مدى أحقية السلطة و جدارتها على تسيير شؤون الدولة أما بسبب الاستيلاء على السلطة بطرق غير قانونية أو انحيازها وخضوعها لسلطة وإدارة اجنبية.
- أزمات التكامل القومي: وهي الأزمات الناتجة عن تعرض وحدة الوطن الانقسام والانفصال بسبب رغبه مجموعات عرقية او طائفية او قبلية أو دينية للانفصال عن الوطن الأم، لذا فان هذه الظروف تعد مواتية لنشأة وتكون أحزاب طائفية.
- أزمات المشاركة والتوزيع: وهي الأزمات الناتجة عن عجز السلطة الحاكمة عن توفير الظروف المواتية للجماعات بالمشاركة السياسية وكذلك توفير التنمية المتكافئة.
أنماط النظم الحزبية.
إن النظام الحزبي هو الإطار الحرية المتاحة لوجود حركة الأحزاب وطبيعة التفاعلات والعلاقات بينهما أو بين الأجنحة المتنافسة في داخلها وتستند غالبية الدراسات الى شقين مختلفين لتصنيف الاحزاب وهما شق عدد الأحزاب وشق درجة المنافسة بينهما، استنادا إلى شق عدد الأحزاب فيمكننا تصنيف النظم الحزبية إلى ثلاثة أنماط: الحزب الواحد، نظام الحزبين، و نظام تعدد الأحزاب.
نظام الحزب الواحد:
وهو نظام احتكار حزب واحد للسلطة دون منافسة ففي الدول الشمولية يحكم الحزب الواحد برؤية أيديولوجية شاملة محاولا فردها على الجميع، بينما في الدول النامية فهو نظام لا يسمح بالمعارضة ويفتقر الى ايديولوجية متكاملة وغالبا ما يكون هذا الحزب الواحد في يد شخص الحاكم.
كما يمكننا أن نجد شكلا آخر من الحزب الواحد وهو نمط الحزب القائد في إطار جبهة وطنية مكونة من عدة أحزاب.
نظام الحزبين:
هو نظام يحتكر فيه حزبين اثنين كبيرين المنافسة على الساحة السياسية وتكون السلطة في يد واحد منهم فقط، وهو في حقيقة الأمر عبارة على نظام متعدد الأحزاب في الشق القانوني والسياسي لكن بحكم عملية تداول السلطة فيما بينهم وبحكم تفاعلات الواقع والثقافة السائدة فإن السلطة تكون حكرا على الحزبين فقط. مثل ما نجد في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
نظام تعدد الأحزاب:
وهو نظام لا يتميز فقط بتعدد الأحزاب المتنافسة على حلبة السلطة ولكن أيضا بتكافؤ الفرص فيما بينهم أو اقتسام السلطة بين أكثر من حزبين، ف الحزب الفائز بالأغلبية هو الذي يتكفل بتشكيل الحكومة، وفي حالة عدم حصول أي حزب على الأغلبية المطلقة فيتعين تشكيل حكومة ائتلافية.
وباستثناء كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا فان هذه التجربة الديمقراطية في الدول الغربية انتجت نظام التعددية الحزبية.
التعددية الحزبية المقيدة:
وهو النظام الذي يعتمد على تعدد الأحزاب لكن لا تتاح لها الحرية الكاملة فيما يتعلق بتشكيل الأحزاب أو تمكينها من ممارسة أنشطتها دون عوائق، ويسود هذا النوع من النظم في الدول العالم الثالث التي تمر من مرحلة انتقالية للتحول إلى الديمقراطية.