الاتجاهات النظرية لمفهوم العالقات الدولية.
مقدمة:
إن النظرية العلمية تتطلب بالضرورة موقفا علميا لظاهرة ما من أجل معرفة حقيقتها وتفسيرها وتعتبر النظرية في العلوم الاجتماعية عامة وفي العلاقات الدولية خاصة مهمتان يتمثلان في تدوين ما هو معروف سابقا بمنهجية سليمة وثانيا توفير الظروف التي تمكننا من استخراج مزيد من المعرفة وتدوينها فما هي هذه النظريات في العلاقات الدولية؟
إن النظريات تساعد على تفسير ظاهرة العلاقات الدولية وقد قدم العالم الأمريكي هوفمن ثلاث تصنيفات للنظريات وهي النظرية الفلسفية التجريبية، النظرية العامة والجزئية، النظرية الاستنتاجية والاستقرائية.
- النظرية الفلسفية و النظرية التجريبية: النظرية الفلسفية تعتمد على قيم محددة أدبية وأخلاقية بهدف نظام دولي، بينما النظرية التجريبية فتنطلق من حالات محددة وعديده دون أن تعتمد على مفاهيم محددة وتتوصل الى اطلاق احكام عامة.
- النظرية العامة و النظرية الجزئية: النظرية العامة تهدف إلى تفسير مختلف الظواهر الدولية من خلال نظرتها العامة والكلية، بينما النظرية الجزئية فتركز على جانب أو شكل من ظواهر وتفاعلات دولية كنظرية الردع والمفاوضات ونظرية منع القرار.
- النظرية الاستنتاجية و النظرية الاستقرائية: النظرية الاستنتاجية تستكشف قواعد سلوكية محددة انطلاقا من فرضية مسلمة و معينة، أما النظرية الاستقرائية فهي تركز على حالة معينة وواقع محدد وإبراز سماتها العامة.
النظرية المثالية للعالقات الدولية:
اعتمد اصحاب المذهب المثالي على مقدمات عقائديه وميترافيهزيقيه واخلاقها لدراسه العلاقات الدوليه ليصلوا الى تحليل فلسفي وان هذا النوع من الدراسة قديم قدم العلاقات الدولية حيث ان الفلاسفة المثاليون ينظرون الى هذه العلاقات بعين القيم المثالية واستعمال الضمير الإنساني في ضبط العلاقات لكن هذا المذهب المثالي لم يتبلور كمدرسة لها مفكريها إلا بعد الحرب العالمية الأولى حيث رفض المثاليون العديد من المبادئ المنتشرة في العلاقات الدولية كمبدأ توازن قوى و مبدأ تقسيم العالم خلال الحرب، كما اعطوا بدائل لهذه المبادئ المتمثلة في الحقوق والالتزامات القانونية الدولية.
النظرية الواقعية للعالقات الدولية:
تعتبر النظرة الواقعية لدراسة العلاقات الدولية من بين أحدث فروع العلوم الاجتماعية، فقد أدت الحرب العالمية الثانية و التطورات التي رافقتها إلى تغيير النظرة للعلاقات الدولية من المثالية والأخلاقية باستعمال القانون والتنظيم إلى الواقعية واعتماد على عنصر القوة، بالانتقال من دراسة والاهتمام بالمنظمات الدولية والقانون الدولي إلى الاهتمام بالسياسة الدولية والأحداث والظواهر السياسية كما هي متمثلة في الواقع وليس كيف يجب عليها ان تكون، كما نشأت المدرسة الواقعية بجهود الباحثين الأمريكيين وكذلك توجه السياسة الخارجية الأمريكية بعد تركها النزعة الأخلاقية في سياستها الخارجية والاهتمام بالمصلحة القومية التي فرضتها الحرب العالمية الثانية.
النظرية السلوكية للعالقات الدولية.
ظهرت المدرسة السلوكية بهدف الوصول إلى نظرية تحليلية تفسيرية تنبؤية، في عقد الخمسينات من القرن 20، بالاعتماد على مناهج البحث العلمية وقواعد المقارنة لقياس كم المتغيرات الواقعية في العلاقات الدولية وأن هذه النظرية تعتمد على التحليل العام، وتسعى هذه الدراسة إلى الربط بين الظاهرة السياسية والظاهرة الاجتماعية لتستنتج في الأخير على أن السلوك سياسي هو جزء من السلوك الاجتماعي، وعلى أن سلوكيات الدول أساسها سلوكيات الأفراد والجماعات.
نظرية المدرسة ما بعد السلوكية للعالقات الدولية.
إن هذه المدرسة تدعو الى توجيه الأبحاث لخدمة السلام العالمي واجتناب الحروب وبناء علاقات دولية أفضل وتنطلق من أهمية القيم في أهداف البحث وترفض المنطق الذي يقول بوجود بحث مجرد من أي قيمة وتتفق هذه المدرسة مع المدرسة المثالية من حيث انسجام في المصالح بين الأفراد وبين المجتمع الدولي وبين المصلحة القومية والمصلحة العالمية، كما تعتقد هذه المدرسة على وجود أطراف أخرى فاعلة على الصعيد السياسة العالمية غير الدول كالتكتلات والمنظمات الإقليمية والدولية.